باتشوكا- قصة عمال المناجم إلى قمة الكونكاكاف

المؤلف: الرياض ـ ضيف الله المرشدي11.27.2025
باتشوكا- قصة عمال المناجم إلى قمة الكونكاكاف

في قلب مدينة باتشوكا النابضة بالحياة في المكسيك، وتحديدًا في عام 1892، بزغت فجر قصة فريدة من نوعها، تُعدّ من أقدم وأروع الحكايات في تاريخ كرة القدم بأمريكا اللاتينية. شرارة هذه القصة أوقدتها مجموعة من العمال البريطانيين الذين قدموا إلى المدينة للعمل تحت إشراف شركة "ريال ديل مونتي إي باتشوكا"، وجلبوا معهم شيئًا غريبًا عن تلك الأراضي، شيئًا سيغير وجه الرياضة إلى الأبد، إنها الكرة المستديرة الساحرة.

في تلك الحقبة، لم يكن هناك اتحاد مكسيكي لكرة القدم، ولا دوري منظم، ولا حتى مفاهيم رياضية حديثة بالمعنى المتعارف عليه اليوم. وسط الغبار المتطاير، وأصداء الحديد، وصلابة الحجارة، انبثق أول نادٍ رسمي لكرة القدم في البلاد، حاملاً اسم المدينة التي شهدت ميلاده، باتشوكا.

لم تتوقف القصة عند هذا الحد، فمنذ لحظة التأسيس، بدأ النادي في كتابة سجله التاريخي بخطى ثابتة وواثقة. شارك الفريق في البطولات المحلية غير الرسمية، ساعيًا لإثبات وجوده. ومع مرور السنوات والعقود، أصبح اسم باتشوكا مرادفًا لتطور كرة القدم المكسيكية ونموها وازدهارها.

يحمل النادي لقبًا مميزًا، "لوس توزوس"، وهو اسم حيوان "الوبر" المكسيكي، الذي يعيش في أنفاق الجبال. وقد أُطلق هذا اللقب على النادي كتعبير عن تقدير المؤسسين العمال الذين كانوا يعملون تحت الأرض في المناجم، وليحمل رمزية لتراث المدينة المعدني الغني، وليظل ماضي النادي محفورًا بعمق في هويته المتجذرة.

سنوات طويلة مضت، وكان النادي خلالها أشبه بالمقاتل الصامت، يعمل بجد وإصرار بعيدًا عن الأضواء. لكنه كان يبني نفسه بهدوء وثبات، ويرسخ مكانته في عالم كرة القدم. وفي مطلع القرن الحادي والعشرين، تبدلت الأحوال، وأصبح باتشوكا ليس مجرد نادٍ له تاريخ عريق، بل قوة جبارة لا يستهان بها في كرة القدم المكسيكية. حقق الفريق أول لقب له في الدوري المكسيكي عام 1999، لتتوالى بعدها الإنجازات والانتصارات. وبحلول عام 2024، كان النادي قد نجح في حصد سبعة ألقاب للدوري المكسيكي، من بينها بطولة "كلاوسورا 2022" وبطولة "كلاوسورا 2024" المرموقتين.

لكن المجد الحقيقي والشهرة الأوسع نطاقًا جاءت من القارة، حيث أصبح باتشوكا سيد بطولات الكونكاكاف دون منازع. فاز الفريق بلقب دوري الأبطال القاري ست مرات في الأعوام 2002، 2007، 2008، 2010، 2017، وأخيرًا في عام 2024، عندما اكتسح فريق كولومبوس كرو الأمريكي بثلاثة أهداف نظيفة في المباراة النهائية، ليؤكد من جديد أنه بطل القارة المتوج، ويضمن مقعدًا له في بطولة كأس العالم للأندية التي ستقام في الولايات المتحدة الأمريكية.

لم يقتصر النجاح على الفريق الأول فحسب، بل امتد ليشمل البنية التحتية للنادي والأكاديميات التابعة له. استثمر النادي المكسيكي بحكمة في اكتشاف وتطوير المواهب الشابة، فأنشأ واحدة من أقوى أكاديميات كرة القدم في المكسيك، والتي خرّجت أسماء لامعة في عالم كرة القدم، مثل هيرفينج لوزانو، وإيريك جوتيريز، ورودريجو جوميز، وغيرهم من اللاعبين الذين تألقوا وبرزوا محليًا ودوليًا.

أما الإدارة الحديثة للنادي، فهي تحت إشراف مجموعة "Grupo Pachuca"، وهي شركة رياضية كبرى تدير العديد من الأندية داخل المكسيك وخارجها، بما في ذلك نادي ريال أوفييدو الإسباني.

وفي سياق آخر، يواجه الفريق المكسيكي، الذي ودع منافسات المونديال بعد أن أخفق في تحقيق أي فوز، عقب خسارته أمام ريد بُل سالزبورج النمساوي وريال مدريد الإسباني، نظيره الهلال السعودي في مباراة مرتقبة يوم الجمعة القادم، وذلك في ختام منافسات دور المجموعات الثامنة من بطولة كأس العالم للأندية 2025.

سياسة الخصوصية

© 2025 جميع الحقوق محفوظة